FA | EN
2025-08-27 02:53
FA| EN
2025-08-27 02:53

اشتراک گذاری مطلب

بـ «تهديد أوروبا بتفعيل آلية سناب باك» وإعادة تعريف إطار المفاوضات: كيف يجب التعامل؟

تهديد أوروبا بتفعيل آلية «سناب باك» عشية الجولة الجديدة من المفاوضات النووية، هو أكثر من كونه أداة قانونية، إنما حيلة نفسية وسياسية للضغط على إيران. في مثل هذه الظروف، يجب على دبلوماسية طهران أن تعتمد على التفوق القانوني، والخبرة التاريخية في مواجهة نكث الغرب لالتزاماته، والمطالبة بمكاسب اقتصادية وأمنية ملموسة، حتى لا تحلّ «التهديدات» محلّ «الاتفاقات»؛ إذ إنّه لا يمكن المضي في مسار حوار متوازن ومستدام إلا من خلال الحفاظ على التوازن بين الحقوق المشروعة واستحقاقات التفاوض.

طهران – إيران فيو24

في يوم الجمعة 31 مرداد 1404 (22 آب/أغسطس 2025)، اتفقت الجمهورية الإسلامية الإيرانية وثلاث دول أوروبية كبرى (فرنسا، بريطانيا وألمانيا) على استئناف المفاوضات النووية الأسبوع المقبل. وأعلن عباس عراقجي، وزير الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد محادثة هاتفية مع نظرائه الأوروبيين أنّ الاجتماع على مستوى نواب وزراء الخارجية قد تم تحديده ليوم الثلاثاء المقبل.

غير أنّه، وبعد هذه المشاورات مباشرة، بدأت «حرب الروايات» من جانب المسؤولين الأوروبيين. فقد حذّر يوهان فادهفول، وزير الخارجية الألماني، بعد المؤتمر الهاتفي بين إيران وأوروبا، مؤكداً انطلاق المفاوضات، من أنّ أوروبا مستعدة لتفعيل آلية «سناب باك» ما لم تلتزم إيران باتفاق «قابل للتحقق ومستدام». وزعم قائلاً: «الوقت ضيّق للغاية وعلى إيران أن تتحرك بجدية.» وقد تكررت هذه التصريحات بلهجة مشابهة من جانب وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وكذلك كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية هذا التهديد «منعدم الصلاحية القانونية والأخلاقية»، مؤكدة أن الدول الأوروبية لا تملك أي مشروعية قانونية لتفعيل هذه الآلية. كما حذرت طهران من أنّها ستقدم رداً مناسباً وحازماً إذا ما أقدمت أوروبا على هذه الخطوة. وفي الوقت نفسه، تستعد إيران للجولة المقبلة من المفاوضات.

إلا أنّ الجولة الجديدة من المباحثات تأتي في وقت تتهم فيه الحكومات الأوروبية الثلاث، التي نقضت التزاماتها في الاتفاق النووي بدعم من الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، إيران بـ«توسيع نطاق التخصيب بما يتجاوز الاتفاق»، مدّعية أن البرنامج النووي الإيراني – الذي كان مؤخراً هدفاً لهجمات عدوانية أميركية وإسرائيلية – يمكن أن يسلك مسار إنتاج السلاح النووي.

لكن، وفي خضم الحرب العدوانية التي استمرت 12 يوماً من قبل أميركا وإسرائيل ضد إيران، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسمياً أن إيران لا تزال بعيدة بشكل كبير عن امتلاك القدرة على إنتاج السلاح النووي. وقد أكدت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية سابقاً، في شهادتها خلال شهر آذار/مارس، أنّ أجهزة الاستخبارات لم تعثر على أي دليل يُثبت سعي إيران لتطوير قنبلة نووية.

ويُذكر أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في حزيران/يونيو الماضي توقفت بعد الهجمات التي شنّتها واشنطن وتل أبيب على المنشآت النووية الإيرانية. وفي أعقاب هذه التطورات، قررت طهران تعليق تعاونها الأحادي مع الوكالة الدولية، بسبب دورها المنحاز بل وحتى المشرعن للهجمات العدوانية. وأكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنّ أي تعاون مستقبلي مع الوكالة لن يكون ممكناً إلا في إطار جديد، متوازن وملتزم، مع الحفاظ على المسار الدبلوماسي مفتوحاً.

لكن، وكما صرّح علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، فإن إيران تدرك جيداً أن ادعاءات الغرب بشأن «دبلوماسية صادقة» ليست سوى ذرائع ومراوغات. ومع ذلك، ترى إيران أن إعادة الغرب إلى قواعد القانون الدولي يمكن أن يمنع مزيداً من انهيار البنى القانونية العالمية. وفي هذا السياق، قد يكون «مقترح الوقفة القانونية» المؤقتة مفيداً لإيران – بشرط توفر شروط مقبولة – بحيث يتم تعليق تفعيل «سناب باك»، وفي المقابل تستمر المفاوضات.

لكن التحدي الأكبر يكمن في أن أوروبا تسعى، في إطار أهدافها الخفية والذرائعية، إلى تسريع عودة إيران أحادياً إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. إنّ عودة إيران إلى التعاون الكامل مع الوكالة لا يمكن أن تكون متسرّعة أو من دون ضمانات جديدة. فقد أثبتت التجارب السابقة أنّ الوكالة لعبت في بعض الأحيان دوراً منحازاً بل وحتى مدمّراً في تهيئة الأجواء للهجمات العدوانية. ولذلك، يجب أن يُشترط أي تعاون مستقبلي بضمان أمن المعلومات والكوادر والبنية التحتية الإيرانية. علاوة على ذلك، يتوجب على إيران الإصرار على وضع مؤشرات كمية وقابلة للقياس في التزامات الطرف الآخر؛ مؤشرات تتيح، إلى جانب الشفافية الفنية، لإيران إثبات التزامها.

وعلى الصعيد الاقتصادي أيضاً، لا يمكن لإيران أن تتنازل عن حقوقها المشروعة. فمن حق طهران أولاً أن تصرّ على إعفاءات فورية وملموسة في مجالات التأمين والملاحة والتبادلات المالية لتأمين «الطاقة – الدواء – الغذاء». وينبغي تنفيذ هذه الإعفاءات وفق جداول زمنية 30، 60 و90 يوماً، بحيث تكون الإنجازات الملموسة واضحة أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.

وفي البعد الأمني الإقليمي، يجب على إيران أن تؤكد أنّ هذا الملف جزء لا يتجزأ من المفاوضات. فأي تهديد عسكري، أو فرض عقوبات جديدة في مجالات مختلفة، أو التهديد العلني بتفعيل «سناب باك» سيُعد خطاً أحمر لطهران.

وأخيراً، ينبغي لإيران أن تكرر رسالتها المحورية بقوة:
البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية هو بطبيعته سلمي، ولا يوجد أي وثيقة تُثبت عكس ذلك.

إنّ الاعتماد على التقارير والشهادات الرسمية الدولية، بالتوازي مع الإصرار على الحقوق الاقتصادية والأمنية المشروعة، يمكن أن يمنح طهران اليد العليا دبلوماسياً، ويبرهن مجدداً أنّ إيران، رغم الضغوط، ما زالت تدافع عن حوار منطقي ومتوازن.

الجولة الجديدة على مستوى نواب وزراء خارجية إيران والدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، بريطانيا وألمانيا) ستبدأ يوم الثلاثاء المقبل، في وقت تطرح فيه أوروبا – بالتوازي مع إعلان الاستعداد للحوار – التهديد بتفعيل آلية «سناب باك».

غير أنّ رواية إيران يجب أن تظل مرتكزة على المبادئ التالية:

  • التفوق القانوني في مواجهة التهديدات غير المشروعة

  • الضغط المتبادل الذكي باستخدام الأدوات الفنية والدبلوماسية، بما في ذلك الحفاظ على قنوات روسيا والصين

  • المطالبة بمكاسب اقتصادية وأمنية ملموسة للشعب الإيراني

ففي الجولة السابقة من المفاوضات، استبدلت الولايات المتحدة رفع تهديد الحرب بالحق المشروع لإيران في رفع العقوبات. أما الآن، فإن أوروبا تستبدل العودة أو عدم العودة إلى العقوبات الدولية بالتزاماتها في رفع العقوبات مقابل تعاون إيران. وعلى إيران في هذه الجولة ألا تسمح بأن يحل «التهديد» محل «الاتفاق»، أو أن يحل «الكرت الأمني» محل الحقوق الاقتصادية والمشروعة للبلاد. إن مسار الدبلوماسية لا يزال مفتوحاً، لكن بشرط أن يلتزم الطرف المقابل بقواعد القانون الدولي ويبرهن عملياً على التزاماته.

لینک کوتاه خبر:

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *