FA | EN
2025-08-27 05:27
FA| EN
2025-08-27 05:27

اشتراک گذاری مطلب

الأبعاد الاستراتيجية للنزاع بين إسرائيل وإيران

الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، والتي اعتقد الكثيرون أنها ستكون نهاية قدرة طهران، انتهت بهزيمة غير متوقعة لتل أبيب وتراجع واشنطن؛ معركة لم تَحطِّم فقط أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهَر، بل ثبّتت أيضاً موقع إيران كقوة ناشئة في معادلات الشرق الأوسط.

الدكتور محمد خان، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الإسلامية العالمية – إسلام آباد

انتهت الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل بنتائج غير متوقعة. فبالنظر إلى القدرات العسكرية الإسرائيلية والدعم غير المحدود من الولايات المتحدة، كان يُعتقد على نطاق واسع أن إيران ستُرهق إلى حدّ لا يمكن التعرف عليها، وأن إسرائيل ستظهر كقوة مهيمنة لا تُنازع في الشرق الأوسط. إيران، التي خضعت لأكثر من عقدين من العقوبات الاقتصادية والعسكرية القاسية، بدت وكأنها تفتقر إلى الوسائل اللازمة لمقاومة القوة العسكرية الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة وأوروبا. إضافة إلى ذلك، كان يُتصوَّر أن إيران، منذ الثورة الإسلامية عام 1979، تعاني عزلة إقليمية، وأن معظم الدول العربية لم تكن صديقة لها. في مثل هذا السياق، اعتُبرت الحرب التي استمرت 12 يوماً مواجهة بين إيران و”الآخرين”.

ومع ذلك، فإن نهاية هذا الصراع القصير لكنه عنيف وتكنولوجي قلبت كل التوقعات: فقد خرجت إيران منتصرة، وثبتت نفسها كقوة ناشئة في المنطقة.

يمكن عزو انتصار إيران على إسرائيل وحلفائها إلى خمسة عوامل رئيسية:
أ) الإرادة الوطنية: صمود الشعب الإيراني الذي تحمّل العقوبات الإقليمية والدولية الصارمة.
ب) القيادة: قيادة استشرافية، صادقة وإيثارية حظيت بالثقة الوطنية.
ج) الابتكار: فريق من العلماء المتحمسين والمبدعين الذين أحرزوا تقدماً جديداً في تكنولوجيات حروب المستقبل.
د) الاحترافية العسكرية: جيش منظم واحترافي ذو مستويات متعددة من القيادة.
هـ) الإيمان الروحي: الإيمان الراسخ بقدرة الله الإلهية الذي عزز صمود إيران ومعنوياتها.

إن إعلان وقف إطلاق النار المفاجئ من جانب دونالد ترامب، عقب الضربات الصاروخية الإيرانية على القواعد العسكرية الأمريكية – ولا سيما قاعدة العديد في الدوحة بقطر – صدم المحللين السياسيين والعسكريين. فبعد هذه الهجمات الصاروخية، كان متوقعاً أن ترد الولايات المتحدة بهجوم عنيف على إيران، ما يؤدي إلى خسائر عسكرية واقتصادية وبشرية جسيمة. بل إن واشنطن، بعد قصف ثلاثة مواقع نووية إيرانية، وعدت بشن هجوم شامل. لكن، على عكس المتوقع، أعلن ترامب وقف إطلاق النار بشكل أحادي. ولا تزال أسباب قراره محل تكهنات كثيرة من دون أي تفسير واضح.

يقدّم باحثو الأمن تفسيريْن رئيسييْن لهذا الحدث. فهناك من يرى أن الحرب الإيرانية – الإسرائيلية بأكملها ربما كانت عملية مدبرة مسبقاً، بحيث كانت الهجمات الصاروخية والضربات اللاحقة الأمريكية منسقة مسبقاً. غير أن هذا الرأي يصعب التوفيق بينه وبين عنصر المفاجأة والابتكار والطبيعة الاستخباراتية للهجمات الإسرائيلية على إيران، ما يشير إلى صراع حقيقي وطويل الأمد بين البلدين. أما الفريق الآخر من باحثي العلاقات الدولية، فيطرح تحليلاً مختلفاً من خلال ثلاثة عوامل رئيسية واعتبارين تكميليين:

  1. الاستخفاف بإرادة إيران: قبل الحرب، قللت كل من تل أبيب وواشنطن من شأن القدرات العسكرية والعزم الوطني الإيراني، وظنتا أن إيران ستستسلم خلال أيام قليلة. وقد بدا أن الهجمات الأولى التي استهدفت القادة العسكريين والعلماء ومواقع التسليح الإيرانية تؤكد هذا الافتراض. إلا أن القيادة الإيرانية سرعان ما أعادت تنظيم صفوفها وردّت بهجمات صاروخية على مدن إسرائيلية كبرى، مما تسبب في ذعر واسع داخل إسرائيل. ومع تصاعد شدة الضربات الإيرانية خلال الحرب، تزايد الشعور بعدم الأمان وخيبة الأمل بين القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين.

  2. الأزمة السياسية والعسكرية الإسرائيلية: أجبرت قوة الهجمات الإيرانية المضادة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على طلب المساعدة من ترامب، خوفاً من الهزيمة العسكرية وتنامي المعارضة الداخلية لحكمه. وقد استغل نتنياهو علاقاته مع النخب السياسية الأمريكية للضغط على ترامب من أجل تصعيد الحرب. وفي الوقت نفسه، كانت أجهزة الاستخبارات الأمريكية، التي أدركت بالفعل عمق عزم إيران وقدراتها، قد خططت في البداية لضربة محدودة لمواقع نووية خالية. ومع ذلك، ظل رد إيران محدوداً، لكنه كان ذا دلالة رمزية ومعلن مسبقاً.

  3. الحسابات السياسية في الولايات المتحدة: استطاع نتنياهو، بالاعتماد على نفوذ اللوبي الإسرائيلي في أمريكا، دفع واشنطن نحو موقف أكثر عدائية. كان يأمل من خلال جرّ الولايات المتحدة إلى الحرب أن يعزز موقف إسرائيل. غير أن الهجمات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، التي ألحقت أضراراً محدودة، أثارت ردود فعل سلبية داخلية في أمريكا وزادت من المخاوف من ردود إيرانية محتملة.

ويمكن فهم وقف إطلاق النار الفوري الذي أعلنه ترامب في ضوء اعتبارين استراتيجيين أوسع:
أ) خيارات إيران الاستراتيجية: كانت لدى إيران القدرة على استهداف جميع القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط بالصواريخ، سواء مباشرة أو عبر الوكلاء، وهو ما كان سيضع المنطقة كلها في طوق ناري. مثل هذا التصعيد كان سيغيّر التوازن الاستراتيجي بشكل كبير.
ب) الرأي العام العربي: بينما اصطفّت النخب العربية تقليدياً إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن الجماهير العربية ازدادت قلقاً من الفوضى المستمرة في المنطقة. وقد أدرك الكثيرون في العالم العربي أن هذه الحرب لم تكن من أجل أمن الدول العربية، بل جزءاً من مشروع إمبريالي أوسع من جانب أمريكا وإسرائيل، وأن إيران وقفت كقوة تتحدى هذه المخططات.

وقد خلّفت هذه الحرب ثلاثة دروس أساسية للعالم العربي:
أ) ضرورة إنهاء تفويض سيادتهم للقوى الخارجية.
ب) أهمية إعادة النظر في الثقة العمياء بالغرب واتفاقيات أبراهام.
ج) الحاجة الملحة إلى بناء وحدة إسلامية أوسع لمواجهة التهديدات الخارجية.

في النهاية، لم تكسر مقاومة إيران لإسرائيل والولايات المتحدة أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر فحسب، بل أعادت أيضاً تشكيل المشهد الاستراتيجي للشرق الأوسط، معلنة بروز قوة إقليمية جديدة.

لینک کوتاه خبر:

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *