لأوّل مرة في تاريخ هولندا، أدرجت الحكومة الإسرائيلية ضمن قائمة الدول التي تهدد الأمن القومي الهولندي. وعلى الرغم من أن التقرير الصادر عن جهاز الاستخبارات الهولندي قد برر هذا التصنيف بمخاطر التجسس والاختراقات السيبرانية، إلا أن البعد السياسي لهذا القرار لا يمكن إغفاله.
طهران – إيران فیو24
في بلد طالما اعتُبر من الحلفاء التقليديين للغرب ومن الداعمين التاريخيين لإسرائيل، يُعدّ هذا التحول دلالة على تغيير عميق في المواقف. فقد شهدت الأشهر الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في انتقاد سياسات إسرائيل، تظاهرات حاشدة في أمستردام، وبيانات صادرة عن أحزاب يسارية وأكاديميين وصحفيين تطالب بمراجعة شاملة للعلاقات الثنائية.
التقرير الأمني أشار إلى أن نشاطات استخباراتية وسايبرية مرتبطة بإسرائيل تمثل “تهديداً محتملاً” للسيادة الهولندية — وهو خط أحمر دبلوماسي لم يُقترب منه سابقًا. ورغم ذلك، فإن المشهد السياسي الداخلي ما زال منقسماً بحدة. فالأحزاب اليمينية والتيارات الدينية لا تزال ترفض أي نقد لإسرائيل، بينما تتوسع رقعة المعارضة من أحزاب اليسار والخضر ومنظمات حقوق الإنسان والأوساط الأكاديمية.
هذا الانقسام لا يقتصر على هولندا. في مختلف أنحاء أوروبا، تتلاشى صورة “الإجماع الغربي” التقليدي في دعم إسرائيل. من مسيرات لندن إلى مقاطعات الجامعات في إسبانيا، ومن قرارات برلمانية داعمة لفلسطين في بلجيكا وإيرلندا إلى حملات قانونية ضد تصدير الأسلحة في ألمانيا — هناك موجة أوروبية جديدة تُعيد تعريف العلاقة مع تل أبيب.
في ظل تصاعد ضغط الرأي العام، لم تعد شرعية العلاقات تُصاغ فقط في مكاتب الحكومات. وعليه، فإن إدراج إسرائيل ضمن قائمة التهديدات الأمنية — وإن جاء تحت غطاء تقني — يحمل دلالات سياسية عميقة: عهد الدعم الأعمى لإسرائيل في أوروبا يوشك على الأفول.
